طوابير طويلة تحولت مساء الاربعاء 19 جويلية الى المسرح الروماني بقرطاج قبل ساعات من انطلاق السهرة المشتركة التي جمعت الفنان التونسي مرتضى الفتيتي والفنان المغربي دوزي، أما الأجواء بساحة المسرح فكانت على غير العادة، الجميع يتسابق من أجل الظفر بمكان مناسب يمكنهم من الاستمتاع بسهرة عنوانها « كسب الرهان » .
« ليلة الجمهور » هكذا وصفها الفنان مرتضى الفتيتي الذي أطل بكامل أناقته مصحوبا بفرقته ومجموعة من الراقصين على درجة عالية من الحرفية والتناسق في الأداء .
على أنغام أغنية « أنا اللي بغيت »، استهل مرتضى الفتيتي الجزء المخصص له من السهرة، ليؤكد ويثبت منذ الوهلة الأولى شعبيته وجماهيريته، حيث تفاعل معه الجمهور بشكل كبير وردّد معه كلمات الأغنية عن ظهر قلب.
وبكلمات أغنيته « ما سمعوا كلامو » عاد مرتضى الفتيتي الى بداياته موجها تحية الى الملحن الطاهر القيزاني، ولأن كلمات هذه الأغنية تقول « غنّي معايا وردّد.. عمرو الذهب ما يصدّد » فمن الطبيعي أن يردّدها معه جمهوره الذي لم يخذله طيلة السهرة تصفيقا وهتافا ورقصا.
سهرة لم يدّخر فيها الفتيتي مجهودا، حيث اكتملت فيها كل مقومات النجاح من صوت قوّي وحضور ركحي متميز وكوريغرافيا متناسقة وتقنيات ضوئية متطورة حيث زيّنت شاشات عملاقة ركح المسرح وهنا نستحضر ما صرّح به الفتيتي خلال ندوته الصحفية حيث أكد أنه استعد جيّدا لهذه السهرة وأن حلمه سيتحقق بتقديم عرض يلبي انتظارات الجمهور وبالفعل كان الفتيتي وفيا لكل هذه الوعود .
وفي خطوة مفاجئة استقبل مرتضى على ركح قرطاج فنان الر اب سانفرا، الذي صاحبه في أداء أغنية « شدّة وتزول » قبل أن ينسحب ويفسح له المجال لمواصلة سهرته التي انتقل فيها من أغنية الى أخرى وقدم خلالها جديده الفني وهو عبارة عن أغنيتين الأولى « بورا بورا » والثانية « ما علاباليش » ومن ريبرتواره غنى الفتيتي » 2000 كتاب »، وأغنية « رايدة » التي تجاوزت 20 مليون مشاهدة على قناته باليوتيوب، قبل أن يطلب من الجمهور انارة هواتفهم الجوالة على موسيقى « آه يا ليل » ليتحول مسرح قرطاج الى فسيفساء جميلة.
بهذه السهرة أثبت مرتضى الفتيتي أحقيته باعتلاء ركح مهرجان قرطاج الدولي وأنه فنان من طراز رفيع صنع لنفسه هوية فنية خارجة عن السائد، وأثبت أن للشباب مكانا على ركح قرطاج فقط لو توفرت فيهم العزيمة والإصرار والاجتهاد وحبّ الفنّ والتجديد .
غادر مرتضى الفتيتي المسرح على وقع تصفيق حار وهتافات باسمه بعد عرض لم يتجاوز ساعة من الزمن محملا ببطاقة عبور الى عالم الكبار، ليفسح المجال الى النجم المغربي صاحب الصيت العالمي دوزي .
قبل اعتلاء دوزي الركح، تم تقديم فقرة موسيقية شبابية أجّجت حماس الجمهور الذي لم يغادر المسرح الى نهاية الحفل.
بلباسه الرياضي المعتاد وحيويته اللافتة للنظر استهل الفنان المغربي دوزي الجزء الثاني من السهرة بأغنية » أنا مغربي »، ونذكر أن هذه الأغنية عادت الى الصدارة بعد أزيد من تسع سنوات على طرحها وتخطت أرقاما قياسية في نسب الاستماع بكل دول العالم تزامنا مع الاحتفالات التي رافقت إنجازات المنتخب المغربي لكرة القدم في مونديال 2022 .
بطريقة لا تخلو من ذكاء شدّ دوزي جمهور قرطاج بحديثه عن اللهجة التونسية وتمكنه من تعلّم بعض الكلمات الصعبة قبل أن يهديهم أغنية الفنان عبد الوهاب الحناشي » محبوبي مثلتك شجرة » التي رددها معه الجمهور.
دوزي الذي لم يعوّل على فرقة موسيقية وافرة العدد، أسر الحضور برقصه وحركاته وصوته القويّ وليزيد من حماس الجمهور استقبل معه على الركح « دي جي » الذي رافقه في مختلف أغانيه .
لم يكتف دوزي بريبرتواره الفني من » مريمة » و »باختصار » و »حاسدو » و »شوف شوف » و »لعيون عينيا »، بل أدى بامتياز أغنية « هي هي » لصاحبتها الأصلية الحاجة الحمداوية والتي عرفت بها الفنانة المغربية « شاما » .
عبد الحفيظ الدوزي، الذي أكد خلال ندوته الصحفية أن اعتلاءه ركح مهرجان قرطاج الدولي تأخر كثيرا، أثبت مساء الأربعاء 19 جويلية أنه جدير بهذه السهرة وبهذا الركح .
ختاما نستحضر ما قاله جلال الدين الرومي » دون حب .. كل الموسيقى ضجيج وكل الرقص جنون » ولأن الحب هو ما لمسناه في سهرة مرتضى الفتيتي ودوزي فلا موسيقاهما كانت ضجيجا ولا رقص الجمهور كان جنونا.