مرصد الأحداث
مجتمع

القصرين : أستاذة معطلة عن العمل منذ 12 سنة تمتهن الحنّاء والحرقوس

أصبحت قصص ابتكار أصحاب الشّهادات العليا في تغيير وضعهم نحو الأفضل، خارج اختصاصاتهم، حكايات ملهمة، تستحقّ الحديث عنها. ففي ساحة الشهداء بمدينة القصرين، ذلك المكان الرّمز لسكّان مدينة تعيش مختلف أنواع الهشاشة، تجلس سالمة الغربالي (35 سنة)، متحصّلة على الاستاذيّة في اللّغة الإسبانيّة، منذ 12 سنة، في ركن محاط بالأطفال والنساء اللّواتي قدمن من مختلف الأحياء للحصول على نقوش الحنّاء أو الحرقوس.
تقول سالمة إنّها لم تستكن للكسل بسبب عدم حصولها على شغل بفضل تكوينها الأكاديميّ. فعوّضت بالحقنة المستعملة للنّقش محفظة كان من المفروض أن تحملها في التّدريس. وأخذت تلك الأيادي الممدودة للزّينة عبر النّقش عليها، بمقابل زهيد، مكان سبّورة كان من المفروض أن تعرض عليها سالمة المعارف للتّلاميذ.
بعناية ودقّة لا متناهيان، تنقش بسنون خبرتها في مجالات الحنّاء والحرقوس، أشكالاً ورسوماً عديدة، تشبه في تعقيداتها ظروف الحياة، على كفوف الأيادي، لتدخل بها البهجة على ملامح الأطفال والنّساء من الحرفاء، بمقابل لا يتجاوز بعض الدّنانير الّتي تعيش بها مع عائلتها.
بملامح شديدة التّركيز ، ورأس لا يرتفع عن أيادي الأطفال الّتي تحرّكها أصابعها برفق من تداعب رضيعها، تشير سالمة إلى أنّها اختارت هذا المجال وتكوّنت فيه، وانطلقت في العمل عليه، منذ سنتين، إسعاداً للأطفال الّذين يتوجهون إليها بالعشرات فترة الأعياد والمناسبات.
عبارات شكر كثيرة تتلقّاها سالمة بصفة يوميّة من زوّارها، وهو ما عبّر عنه منير بوزيدي في تصريحه لموزاييك، لمنحها سعادة وقتيّة لبنتيه الصّغيرتين، بعد حصولهما على نقوش بالحنّاء والحرقوس من قبلها، بمناسبة العيد.
بدورها تشيد جيهان نصرلّي، المشرفة على معرض انتظم في مجال الصّناعات التّقليديّة بساحة الشّهداء، بتجربة سالمة الّتي وجّهت لها الدّعوة مثل حرفيّات كثيرات، في مجالات عديدة أهمّها الحلفاء، ضمن تظاهرة حملت عنوان “صنعة إيديا.. منفعة ليك وليا”، برعاية المركّب الشبابيّ بالقصرين.
تؤكّد جيهان على أنّ سالمة هي وجه المرأة التونسيّة المستنير الّذي وجب التّركيز عليه، عندما تصنع من الأزمة فرصة، وترتّب من خيبات الخذلان تحدّيات ونجاحات فارقة.
تواصل سالمة عملها دون استكانة للكسل لساعات، غايتها إسعاد كلّ الأطفال القادمين نحوها بحثا عن نقوش مختلفة في شكلها ومتشابهة في لونها، نقوش لو تُرجمت للغتنا، لتحدّثت سياسة، لتعلن زمن الإصلاح الحقيقيّ، ولتلهب ثورة جوهرها الإنسان ومتنها ثقافة العمل والكرامة والشّغل والعدالة الاجتماعيّة لمن استطاع إليهم سبيلا.

اقرأ أيضا

صاحب صالون حلاقة في باريس :.. ننصح الشباب ما تهاجر كان بصنعة“ “عندي سنين نخّدم كان اولاد بلادي

تطورات جديدة في قضية التآمر على أمن الدولة..

3 رجال احتجزوا فتاة واغتصبوها حتى الموت!